قالت مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي إن عودة الدكتور محمد البرادعي الأخيرة إلي مصر ضخت دماء جديدة وإحساسًا بالأمل لدي المعارضة التي تحاصرها الحكومة بطرقها القمعية.
وأشارت المؤسسة في مقال كتبته مارينا أوتاوي - الخبيرة في شئون الشرق الأوسط بالمؤسسة - إن المعارضة المصرية رغم قرب موسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية مازالت تعاني من ضعف شعبيتها.
وأوضحت أوتاوي أن الأحزاب السياسية تعاني من الخواء؛ حيث إن الأحزاب المحسوبة علي الليبراليين واليساريين تؤدي بشكل سييء في الانتخابات، كما أنها تبدو عاجزة عن تجديد نفسها علي مستوي القيادات والأفكار.
وتابعت أن جماعة الإخوان المسلمين التي كانت التحدي الأكبر للحكومة في الانتخابات البرلمانية الماضية تقلص أداؤها بسبب اعتقال الحكومة المستمر لأعضائها وقياداتها، وتصاعد خلافاتها الداخلية.
وعلي الرغم من حالة الحراك التي ولدتها عودة البرادعي، فإن هناك عقبات خطيرة تحول دون ظهور معارضة قوية قادرة علي المنافسة بجدية علي المقاعد البرلمانية وانتخابات الرئاسة.
وأوضحت أن إحدي تلك العقبات؛ سياسية، مشيرة إلي أن المعارضة تتكون من ثلاث فرق، الرابط بينها ضعيف: هي الأحزاب السياسية الضعيفة، ومنظمات المجتمع المدني الليبرالية التي لم تتواصل حتي الآن مع جموع الشعب ويقتصر تواصلها علي الطبقة المدنية المتعلمة، والفريق الثالث هو الحركة الاحتجاجية العمالية التي تقتصر مطالبها علي رفع الأجور دون أي مطالب سياسية.
وتابعت أوتاوي أن العقبة الثانية هي العقبة القانونية متمثلة في الدستور المصري خاصة في ظل التعديلات التي أدخلت عليه في عامي 2005 و2007.
وأشارت أوتاوي في مقالها إلي أن الحكومة بطبيعة الحال لا تجد أي محفزات تدفعها إلي إدخال أي تعديلات، من شأنها أن تؤدي إلي معارضة قوية، في الوقت نفسه فإن المعارضة ضعيفة جدا ومنقسمة بشكل لا يمكنها من فرض الضغط الكافي لإجبار الحكومة علي إدخال تعديلات دستورية.
وتابعت أن هذه الحلقة المفرغة أدت إلي تعليق إجراء الإصلاح السياسي، ومن المرجح أن يجعل ذلك من الانتخابات المقبلة مهزلة للديمقراطية.
وبسبب انهيار الأحزاب، فإن المعارضة السياسية لنظام مبارك تركزت في الوقت الحاضر في مجموعة متنافرة من منظمات المجتمع المدني، وإلي حد ما وسائل الإعلام المستقلة.
وقالت أوتاوي إن المطلب الرئيسي للمعارضة الليبرالية هو إجراء تعديلات دستورية، لكن مناصري المعارضة لم يتمكنوا من التأثير في الحكومة في الماضي.
وقالت الباحثة الأمريكية إنه طالما تركزت مطالب المعارضة السياسية في مصر حول الإصلاح الدستوري والقانوني، وتركزت مطالب الحركة العمالية علي رفع الأجور، فإن إمكانية اندماج الفريقين في حركة احتجاج واحدة تبدو محدودة للغاية، كما أن منظمات المجتمع المدني بشكلها الحالي من غير المرجح أن تنجح من تلقاء نفسها في حشد التأييد لهذه المطالب.
يذكر ان الدكتور محمد البرادعي أثار حالة من الحراك السياسي في مصر منذ الاعلان عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان مثقفون ومعارضون مصريون قرروا الالتفاف حول المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية محمد البرادعي وتأسيس حركة باسم "الجمعية الوطنية من اجل التغيير" يراسها الاخير.
واتخذ هذا القرار بعد اجتماع عقد في منزل البرادعي في القاهرة وشارك فيه مع قرابة ثلاثين شخصا من بينهم القيادي في حركة كفاية جورج اسحق ورئيس الكتلة البرلمانية للاخوان المسلمين سعد الكتاتني والقيادي الناصري حمدين صباحي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية ايمن نور والروائي علاء الاسواني.
المصدر: جريدة الدستور ، مصراوي.